الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن أخوك محتاجًا للمال للضرورة؛ فلا يجب عليك إقراضه، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والقرض مندوب إليه في حق المقرض ... وليس بواجب. قال أحمد: لا إثم على من سئل القرض، فلم يقرض؛ وذلك لأنه من المعروف، فأشبه صدقة التطوع. انتهى.
والذي ننصحك به إذا كان أخوك محتاجًا للمال للإنفاق على نفسه وعياله في المباح؛ أن تقرضيه ما تقدرين عليه، ولو لم يكن مضطرًّا.
وإذا خشيت ألا يرده، فلكِ أن تكتبي الدَّين، وتشهدي عليه حتى تطالبيه به.
وانصحي أخاك، أو وسّطي من ينصحه بالقصد في المعيشة، والاعتدال في الإنفاق، والاجتهاد في الكسب الحلال؛ ليعفّ نفسه، وعياله.
وننصحك أن يكون إقراضك له ابتغاء مرضاة الله، وصلة للرحم التي أمر الله بصلتها، واحتسابًا للأجر، وأبشري ببركة هذا العمل في الدنيا والآخرة، ففي الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ.
وفي صحيح مسلم عن أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ.
وفي المعجم الصغير للطبراني، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ.
والله أعلم.