الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس من حق الوالد - أبًا كان أم أمًّا - أن يلزم ولده - ذكرًا كان أم أنثى - على نكاح من لا يرغب فيه، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد، وأنه إذا امتنع لا يكون عاقًّا، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه، كان النكاح كذلك وأولى، فإن أكل المكروه مرارة ساعة، وعشرة المكروه من الزوجين على طول يؤذي صاحبه كذلك، ولا يمكن فراقه. اهـ.
فلم تكوني ملزمة بطاعة والدك في النكاح السابق، ولا يلزمك طاعته فيما أمرك به في النكاح اللاحق، وخاصة إن خشيت ضررًا، وخشيت عدم الوفاق ودوام العشرة.
ونرجو أن لا يكون خشية الضرر مجرد توهم، ووساوس؛ بسبب الفشل الذي حدث في النكاح السابق.
وكوني على حذر من أن يكون ذلك حاملًا لك على الإعراض عن النكاح بالكلية، فتفوتين على نفسك كثيرًا من مصالح الدنيا والآخرة، مع العلم أن النكاح تعتريه الأحكام التكليفية، بمعنى أنه قد يكون واجبًا أحيانًا، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 194929، والفتوى: 76303.
ويفهم من سؤالك أن العقد قد تم، وأصبحت زوجة لهذا الرجل: فإذا كان الأمر كذلك، فنقول: ليس في طلبك فسخ العقد للأسباب المذكورة عقوق لوالدك، ولكن ما ذكرت ليس مسوغًا لفسخ النكاح، فهنالك أمور معينة تسوغ الفسخ، ذكرها أهل العلم، كالعيوب المنفّرة، والأمراض المعدية، ونحو ذلك، وفقًا لضوابط شرعية، ويمكن مطالعة الفتوى: 19935.
وإذا كرهت هذا الرجل، وخشيت التفريط في حقه، فيمكنك طلب الخلع بأن يطلقك في مقابل عوض، وانظري الفتوى: 8649.
ولا يعني هذا أننا نحثك على أمر الخلع، بل تريثي في الأمر، فإن كان هذا الشاب صاحب دِين وخُلُق، وصبرت عليه، وأتممت هذا الزواج، فقد يبارك الله فيه، ويجعل فيه الخير الكثير.
وننصحك بأن تستشيري الثقات قبل الإقدام على أي خطوة، واستخيري الله عز وجل.
والله أعلم.