الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة إذا كانت متضررة من البقاء مع زوجها، جاز لها طلب فراقه، وتراجع الفتوى: 37112، ففيها بيان مسوغات طلب الطلاق.
فإن كان حال زوجك على ما ذكرت، فلا حرج عليك في الدعاء بفراقه، وأن يبدلك من هو خير منه.
وزوجك بحاله هذه قد جمع جملة من الشرور والمنكرات، فهو مفرّط في حق ربه بمعصيته، ومفرّط في حقك كزوجة له، ولا سيما الطعن في عرضك، وعرض أهلك. ومعلوم أن القذف كبيرة من كبائر الذنوب، ورتّب الشرع عليه عقوبة في الدنيا، وعقوبة في الآخرة، وانظري الفتوى:29732.
ومما يدل على لؤمه، وجفاء طبعه -إن صح ما ذكرت عنه- أنه يقابل إحسانك إليه، ومساعدتك له بالإساءة، فهذا شأن اللئيم.
وأما الكريم، فيحفظ الجميل، ولا ينسى بالمعروف، ويقابل الإحسان بالإحسان، قال الله عز وجل: هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {الرحمن:60}.
ونحن نلتمس لك العذر في كونك لا تحبين أن يطلب منك الدعاء له بالهداية؛ بسبب النكد، والشقاء الذي عشته معه، ولكن مع ذلك نقول: إنك لا تدرين أين الخير، فلعله إذا اهتدى أن يكون خيرًا لك، هذا بالإضافة إلى أنه أبو ابنتيك، وقد يكون لفراقكما أثر سيئ عليهما، فمراعاتهما أمر مهم.
وننبه بهذه المناسبة إلى أن من الخطأ البين أن يكون الخلاف بين الوالدين على مرأى ومسمع الأولاد.
ومن الغريب أن يكون زوجك على ما ذكرت من حب لابنتيه، ثم لا يجدان منه فرصة يأنسان فيها معه، فينبغي أن يجتهد في توفير وقت لهما، وتوفير وقت لك، فإنه مأمور شرعًا بحسن معاشرتك، كما قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
والمعاشرة بالمعروف، تعني كل معنى جميل من المعاملة الحسنة، والملاطفة، والكلمة الحانية، كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم مع نسائه، وهو القدوة، والأسوة، وراجعي الفتوى: 134877.
والله أعلم.