الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخدمة الوالدين عند الحاجة لكبر أو مرض ونحوهما واجبة على أولادهما الذكور والإناث معاً، وبالتالي فيجب على هذه المرأة مع بقية إخوانها القادرين على الخدمة بأنفسهم أو بأموالهم ذكورا وإناثا رعاية والدتهم التي تحتاج إلى الرعاية والإحسان إليها، وخدمتها مباشرة أو بأجرة، فهذا حق لوالدتهم عليهم.
ففي الموسوعة الفقهية: أما خدمة الولد لوالده، أو استخدام الأب لولده فجائز بلا خلاف، بل إن ذلك من البر المأمور به شرعاً، ويكون واجباً على الولد خدمة أو إخدام والده عند الحاجة. انتهى.
وفي غذاء الألباب للسفاريني: ومن حقوقهما خدمتهما إذا احتاجا أو أحدهما إلى خدمة. انتهى.
لكن ننبه هذه الزوجة إلى أن حق زوجها عليها آكد من حق والدتها، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا، وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها ولا زيارة ونحوها بل طاعة زوجها أحق. انتهى.
وبالتالي، فإذا لم يسمح الزوج لزوجته بخدمة أمها، فإنها تخدم والدتها باستئجار خادم أو المشاركة في أجرته.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أنّ الوالد إذا كان في حاجة شديدة لخدمة ابنته، فإنها تخدمه ولو منعها زوجها، قال ابن الهمام في فتح القدير: وَلَوْ كَانَ أَبُوهَا زَمِنًا -مَثَلًا- وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى خِدْمَتِهَا وَالزَّوْجُ يَمْنَعُهَا مِنْ تَعَاهُدِهِ فَعَلَيْهَا أَنْ تُغْضِبَهُ مُسْلِمًا كَانَ الْأَبُ أَوْ كَافِرًا. انتهى.
والأحوط لهذه الزوجة أن تسدد وتقارب، فلا تترك خدمة أمها، أو استخدامها باستئجار خادم أو المشاركة في أجرته إن كانت تكتفي بذلك، ويكون ذلك بالتفاهم مع زوجها، والاستئذان منه في كل ما تقدم عليه.
كما أننا نوجه نصيحة إلى زوجها أن لا يمنعها من خدمة أمها، وعليه أن يكون عونا لها على أداء حقوق والدتها وبرها والإحسان إليها، وله في ذلك الأجر والمثوبة من الله تعالى، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه أبوداود والترمذي والنسائي.
ولمزيد من الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى: 127286، 405169، 134900.
والله أعلم.