الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن شروط صحة النكاح أن يعقده ولي المرأة، أو من يوكله بحضور شاهدين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الشيخ الألباني، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل. رواه البيهقي وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.
ولا يسقط شرطية الولي كونه مقصرا في بعض حقوق موليته، أو بينه وبينها خصام، وعلى ذلك، فإن وفى هذا الأخ بوعده بأن حضر بنفسه ليعقد لأخته فذلك المطلوب.
فإن تراجع عن الحضور لعذر، أو لغير عذر كأن لم يرغب في الحضور بنفسه فيمكنه أن يوكل أي رجل من المسلمين ليتولى العقد عنه.
وننبه هنا أنه لا عبرة بكون الأخ قد وافق مبدئيا على النكاح قبل العقد، بل العبرة بكونه هو من يشهد العقد، أي يتلفظ بالإيجاب، وهو قوله: زوجتك أختي فلانة، أو يقوم بذلك عنه من يوكله، فإن تراجع عن الموافقة على زواج أخته، فعندئذ لا يخلو أمره من حالين:
الأولى: أن يكون له مسوغ شرعي في رفضه بأن يكون هنالك مطعن في دينك أو خلقك، فله حينئذ رفضك زوجا لأخته، ولا يأثم؛ لأنك تكون بذلك لست كفؤا للزواج منها، والنبي صلى الله عليه وسلك يقول: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني.
الثانية: أن تكون مستقيما دينا وخلقا- وهو ما نرجوه إن شاء الله- فلا ينبغي له أن يردك، بل ينبغي له تزويجك.
فإن أصر على الامتناع من تزويج أخته منك لغير سبب شرعي؛ فللفتاة أن ترفع أمرها إلى القاضي، فإن ثبت عنده العضل زوّجها القاضي، أو وكّل من يزوجها. إذ القاضي نائب عن السلطان، والسلطان ولي من لا ولي له، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا امتنع الأقرب زوجها الأبعد، بمعنى أنه إذا امتنع هذا الأخ من تزويجها لغير سبب شرعي، فإن الولاية تنتقل لمن دون مرتبته من الأولياء، فمثلا مع عدم وجود الأعمام لأب يمكن أن يزوجها أحد أبنائهم، فإن لم يكونوا فأحد عصبتها.. وترتيب الأولياء في النكاح قد سبق بيانه بالفتوى: 129293.
وينبغي للمقصر من الأخ وأخته أن يتقي الله في الآخر، ويسعى في إصلاح ما بينهما، وأن لا تفرق بينهما لعاعة من الدنيا الفانية، فتكون سببا في قطع الرحم -المحرم شرعا- بينهما.
والله أعلم.