الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لك أن تصبري على أذى أمّك، وتخضعي لها كيفما كانت المعاملة التي تصدر منها، فإنها قد حملتك في بطنها تسعة أشهر، وأرضعتك حولين كاملين، وسهرت لسهرك، وتألمت لتألمك، وكانت تسعى ليل نهار في مصالحك، في زمن لم تكوني قادرة على رفع الضر عن نفسك.
فقدري ظروفها الصحية التي ألمّت بها، وأليني لها الجانب، ولا ترفعي صوتك في مخاطبتها، إلا بالقدر الذي تسمعينها كلامك، فقد أمرك الله بالإحسان إليها، وعدم التأفف منها، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}.
وإن هي قاطعتك من غير جرم اقترفته في حقها، فلست مذنبة بسبب ذلك، لكن لا تبادليها القطيعة، واسعي في مصالحها، وإصلاح شؤونها، وتجلدي بالصبر.
واعلمي أن أجرك في تحمل أذى أمّك يتضاعف كلما كانت أشد وأقسى في معاملتك، فلا تحزني، ولا ينفد صبرك، وتعزي بما يدخر لك من الأجر الوافر عند الله تعالى، وأن الدنيا فانية بما فيها، ومن فيها، والآخرة باقية، قال تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى {الأعلى: 16-17}.
والله أعلم.