الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك أنّ أباك كان غير راض عن سفرك لزوجك في شهر رمضان خشية حصول جماع في نهار رمضان، ثمّ وعده زوجك بألا يحصل ذلك، ثمّ سافرت إلى زوجك في دولة أخرى، وطلب منك أبوك أن تذهبي إلى عمّك الذي يقيم في تلك الدولة في مدينة مجاورة للمدينة التي يقيم فيها زوجك، فإن كان الحال هكذا، فقد أصبت بطاعة زوجك، ولم يكن عليك طاعة والدك في ما أراده. فما دام زوجك قد تسلمك، فقد وجبت عليك طاعته، وصار حقّه مقدما على حقّ والديك عند التعارض.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. انتهى.
ولا حقّ لوالدك في غضبه منك، أو قطع مكالمتك للسبب المذكور، لكن عليك أن تبريه، وتحسني إليه قدر استطاعتك.
وبخصوص السعي في الإصلاح بين زوجك وأهلك، فلا ريب في كون هذا الإصلاح عملا صالحا من أفضل الأعمال، والسبيل إلى الإصلاح يكون بالحض على التآخي، والتحذير من التدابر والتباغض بين المسلمين، والترغيب في العفو عن المسيء، ومقابلة السيئة بالحسنة، ويجوز لك في سبيل الإصلاح بينهما إخبار كل منهما بكلام يجلب المودة بينهما، ويذهب الشحناء –وإن لم يكن واقعا- وليس ذلك من الكذب المذموم، فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَقُولُ خَيْرًا، وَيَنْمِي خَيْرًا. رواه مسلم.
وإذا لم يمكنك الإصلاح بنفسك، فوسطي بعض الصالحين من أقارب أو غيرهم ليصلحوا بينهم.
والله أعلم.