الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليبشر الأخ السائل بالخير، وليطب نفسا؛ فإن الله تعالى لا يضيع جزاء هذه المعاناة -وهو الحكم العدل سبحانه وتعالى وبحمده- بل يعوضه عنها خيرا.
قال القرطبي عند تفسير قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ {التوبة:111}: قال العلماء: كما اشترى من المؤمنين البالغين المكلفين، كذلك اشترى من الأطفال، فآلمهم وأسقمهم ... ثم هو عز وجل يعوض هؤلاء الأطفال عوضا إذا صاروا إليه.
ونظير هذا في الشاهد أنك تكتري الأجير ليبني وينقل التراب، وفي كل ذلك له ألم وأذى، ولكن ذلك جائز؛ لما في عمله من المصلحة، ولما يصل إليه من الأجر. اهـ.
ولا يستوي أجر من وقع في مثل هذا البلاء من الأطفال، مع غيره ممن سَلِم منها، فإن الأطفال يتفاضلون في ثوابهم وجزائهم بحسب حالهم وأعمالهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: الصغار يتفاضلون بتفاضل آبائهم، وتفاضل أعمالهم إذا كانت لهم أعمال ... والأطفال الصغار يثابون على ما يفعلونه من الحسنات، وإن كان القلم مرفوعا عنهم في السيئات ... فالصبي يثاب على صلاته وصومه وحجه، وغير ذلك من أعماله، ويفضل بذلك على من لم يعمل كعمله. اهـ.
وقال الدكتور أحمد بن عبد الرحمن القاضي: سألت شيخنا رحمه الله -يعني ابن عثيمين-: هل يؤجر الصبي على المرض؟ فأجاب: نعم. اهـ. (ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين ص 148).
ومن المقرر في الشرع أن الأطفال يجري عليهم قلم الحسنات دون قلم السيئات.
قال التقي السبكي في رسالة (إبراز الحكم من حديث رفع القلم): خطاب الندب ثابت في حق الصبي على الصحيح من مذاهب العلماء، فإنه مأمور بالصلاة من جهة الشارع أمر ندب مثاب عليها، وكذلك يوجد في حقه خطاب الإباحة والكراهة حيث يوجد خطاب الندب، وهو ما إذا كان مميزا، وإنما ينتفي في حقه الوجوب والتحريم؛ لأن فيهما كلفة. اهـ.
وانظر للفائدة، الفتوى: 175767.
والله أعلم.