الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر - والله أعلم - أن ما كان من عمك مع أبيك مجرد وعد بتزويجك ابنته هذه، وكان ينبغي له أن يفي بهذا الوعد، فالوفاء بالوعد مستحب في قول جمهور الفقهاء، وليس بواجب كما بيناه في الفتوى: 17057، وقد رجحنا فيها قول الجمهور. فلم يكن من عمك أي ظلم لك، أو هضم لشيء من حقك.
وعلى كل، فما حدث لا يؤثر على صحة زواج ابن عمك الآخر منها، وما عليك إلا الرضا والتسليم، فهذا من شأن أهل الإيمان، قال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {التغابن:11}. قال علقمة: هو العبد تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم. اهـ
والله -عز وجل- يعلم أين يكون الخير، فالجأ إليه، وانكسر بين يديه، رافعا له حاجتك، وتذكر أن هنالك من (الزيجات ) ما كان قائما على نوع من تعلق القلب بالمرأة، وكان مصيره الفشل، قال سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وننبه إلى خطورة أمر الخطبة على الخطبة، فإنها محرمة إذا توافق الخاطبان على الخطبة حتى أن بعض أهل العلم ذهب إلى أنه إذا عقد للثاني فسخ عقده قبل الدخول، وأنه يمضي إن كان قد دخل بها.
قال الدردير المالكي في الشرح الكبير: وفسخ عقد الثاني وجوبا بطلاق، وإن لم يطلبه الخاطب الأول، ولو لم يعلم الثاني بخطبة الأول فيما يظهر، إن لم يبن الثاني بها وإلا مضى. اهـ.
والله أعلم.