الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول المرء لنفسه نطقا: (أي مال سيأتيني من الشركة سأخرج منه 15% كنوع من المتاجرة مع الله) ليس صريحا في النذر، وإنما هو كناية، والنذر لا ينعقد بألفاظ الكناية إلا مع الجزم بنية النذر. فإن كان السائل نوى بذلك النذر فهو نذر يجب الوفاء به، وإن كان نوى مجرد التقرب إلى الله بذلك، دون نية النذر، فليس هذا بنذر واجب الوفاء، وإنما هو نية ورغبة في عمل صالح، فإن لم يفعل فلا إثم عليه.
وأما الأجر والثواب فهو حاصل في كلا الحالين، على هذا المال الذي أخرجه صاحبه تقربا إلى الله تعالى. وانظر الفتاوى: 102449، 340708، 136651.
والنذر إذا انعقد لا بد من الوفاء به، إلا في حال العجز، فإن عجز عنه صاحبه كَفَّر عنه كفارة يمين؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: كفارة النذر كفارة اليمين. رواه مسلم. وراجع تفصيل ذلك في الفتوى: 295036.
وأما إخراج هذه النسبة، وهل يكون من إجمالي المال، أو من الربح وحده؟ فهذا يكون بحسب لفظه، وإلا فبحسب نيته عندما تكلم بذلك. وإن لم يُعيِّن شيئا لا بلفظه ولا بنيته، فالحمل على الغالب من حال السائل أو من العرف إن وُجِد، وإلا فالأصل براءة الذمة، فلا يجب إلا الأقل - وهو الربح - لأنه المتيقن، وانظر الفتوى: 139634.
وأما ما ذكره السائل عن حال شركته في الشهور الأخيرة، فإن كان قد جزم بنية النذر في كلامه المذكور، وانعقد نذره بذلك، ثم لم يَفِ به مع القدرة عليه، فقد يكون ذلك سببا لهذه الحال. وأما إن لم ينعقد نذرا لعدم النية، أو انعقد وعجز عن الوفاء به، فلا تكون هذه الحال عقوبةً على ذلك.
والفقر وضيق الرزق قد يبتلي الله به بعض عباده؛ ليرى صبرهم، وحسن ظنهم به، وتوكلهم عليه، ولجوءهم إليه، وتضرعهم بين يديه. ونسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وأن يكفيك من فضله.
والله أعلم.