الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد قرر أهل العلم أن المرأة لها ذمتها المالية المستقلة، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: للزوجة الأهلية الكاملة، والذمة المالية المستقلة التامة، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع بما تكسبه من عملها، ولها ثرواتها الخاصة، ولها حق التملك، وحق التصرف بما تملك، ولا سلطان للزوج على مالها، ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك، والتصرف بمالها. اهـ.
فلا يجوز لزوجك أخذ البطاقة، ومنعك من التصرف في مالك، ومساعدة والدك.
وتهديده إياك بالطلاق، أو منعك من العمل، إن أرسلت شيئًا من المال لوالدك؛ أمر لا ينبغي.
وإذا كان والدك فقيرًا، فنفقته واجبة عليك، وعلى بقية أولاده، كل حسب يساره، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما، ولا مال واجبة في مال الولد. اهـ.
وقد أباح الشرع للوالد أن يأخذ من مال ولده ما يحتاج إليه، بل ذهب الحنابلة إلى أنه يجوز للوالد أن يأخذ من ماله، ولو لم يكن محتاجًا، ولكن هذا بشرط ألّا يضرّ بولده، قال ابن قدامة في المغني: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيرًا كان الولد أو كبيرًا، بشرطين:
أحدهما: ألّا يجحف بالابن، ولا يضرّ به، ولا يأخذ شيئًا تعلقت به حاجته.
الثاني: ألّا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر... اهـ.
فتحصل من هذا؛ أن الإعطاء للوالد أمر واجب بالضوابط المذكورة.
فنصيحتنا لك أن تحاوري زوجك في ضوء ما ذكرنا، وتحاولي إقناعه: فإن اقتنع، فالحمد لله، وإن أصرَّ على الرفض، ولم يكن هنالك سبيل لدفع النفقة لأبيك، فلا إثم عليك في ذلك، فالتكليف منوط بالاستطاعة، وقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}.
ولو أمكن أن تجدي سبيلا لإيصالها إليه من غير أن يعلم زوجك، وجب عليك دفعها إليه؛ لتجمعي بين المصلحتين.
وننصح زوجك بأن يتقي الله في نفسه، ويحلّ مشكلته مع والدك بعيدًا عن إقحامك في مشكلته، وليوسط أهل الخير، وله رفع الأمر للمحكمة، إن شاء.
والله أعلم.