الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما قمت به من تعريف هذه المرأة بالإسلام، وكونك قد كنت سَبَبًا في إدخالها في الإسلام، فيه خير كثير، وراجع في فضل الدعوة إلى الله الفتوى: 2439، والفتوى: 60180، فقد أحسنت من هذه الجهة، وأيضًا من جهة زواجك منها.
ولكنك أسأت بوقوعك معها في فاحشة الزنى، فالواجب عليك التوبة النصوح، والحذر من العودة لمثل ذلك في المستقبل، وعدم التساهل في التعامل مع الأجنبية، من الخلوة بها، ونحو ذلك، وانظر الفتاوى: 1602، 5450، 33105.
هذا مع العلم بأن في سؤالك بعض الأمور غير الواضحة، ومنها نوع الطلاق الذي أوقعته، وما إن كان رجعيًّا أم بائنًا، وهل البينونة صغرى أم كبرى.
وعلى كلِّ؛ فإن كنت أَبَنْتَ المرأة البينونة الكبرى، فلا تحل لك حتى ينكحها زوج غيرك، نكاحًا صحيحًا، رغبة لا تحليلًا، ويدخل بها دخولًا حقيقيًّا، ثم يطلقها، أو يموت عنها، ونية التحليل لا تضرّ إن كانت من قبل المرأة، كما بيناه في الفتوى: 62189. وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 113665، 40490.
والوليّ شرط لصحة الزواج، على المرجح عندنا من أقوال الفقهاء، وهو قول الجمهور، وتراجع الفتوى: 32593، والفتوى: 1766.
وإذا عقد الزواج على مذهب أبي حنيفة، فإنه معتبر ويمضي، فأمسك عليك زوجك، ولا تلتفت إلى أيِّ وساوس فيما يتعلق بصحة الزواج، وأحسن صحبتها، وعاشرها بالمعروف، كما أمر الله عز وجل في محكم كتابه.
وقد بين أهل العلم ما هو مقصود بالمعاشرة بالمعروف، قال الجصاص: ومن المعروف: أن يوفيها حقها من المهر، والنفقة، والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. اهـ. وقال السعدي في تفسيره: على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف: من الصحبة الجميلة، وكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة. اهـ.
وبما أنها حديثة عهد بالإسلام؛ فيتأكد حسن التعامل معها، وترغيبها في الثبات على الحق، لا أن تتلاعب بها، وتتعامل معها وكأنها سلعة رخيصة، فتكون سببًا في صدّها عن الحق، بعد أن كنت سببًا في قبولها به، ودخولها في الإسلام.
وكن على حذر من أمر الطلاق؛ فإن عواقبه وخيمة، لا سيما وأنك قد رزقت من هذه المرأة بنتين، فقد تتضرران بسبب فراق الأبوين.
والله أعلم.