الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالخالة من أولى الأقارب بالصلة، وحقّها عظيم، فقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الخالة بمنزلة الأم. متفق عليه.
فالنصيحة لهذا الرجل أن يصل خالته، وتجب عليه صلتها بالقدر والأسلوب الذي في وسعه، كالاتصال بها، أو مراسلتها بالسلام، ونحوه؛ إذ إنّ الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوبًا معينًا، أو قدرًا محددًا، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف، فتحصل الصلة بالاتصال، والمراسلة، والسلام، والزيارة، وكل ما يعده العرف صلة.
قالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ وَاجِبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَطِيعَتَهَا مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ.
قَالَ: وَالْأَحَادِيثُ فِي الْبَابِ تَشْهَدُ لِهَذَا، وَلَكِنَّ الصِّلَةَ دَرَجَاتٌ، بَعْضُهَا أَرْفَعُ مِنْ بَعْضٍ، وَأَدْنَاهَا تَرْكُ الْمُهَاجَرَةِ، وَصِلَتُهَا بِالْكَلَامِ، وَلَوْ بِالسَّلَامِ.
وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ القدرة، والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب.
لو وصل بعض الصلة ولم يَصِلْ غَايَتَهَا، لَا يُسَمَّى قَاطِعًا.
وَلَوْ قَصَّرَ عَمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي لَهُ، لَا يُسَمَّى وَاصِلًا. انتهى من المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج لمؤلفه الإمام النووي.
ولا ينبغي أن يمنعه من صلتها ما حصل بينها وبين أمّه في السابق من خلافات؛ حيث إن ذلك لا يسقط حقها، ولا صلتها.
والله أعلم.