الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأصل هذه المعاملة يمكن أن يُكَيَّف على أنه عقد جعالة، حيث يجعل العميل لمن يتم اختيار تصميمه جعلا معلوما. والجعالة تصح مع غير معين.
قال ابن قدامة في المغني: يفارق -يعني عقد الجعالة- الإجارة، في أنه عقد جائز، وهي لازمة، وأنه لا يعتبر العلم بالمدة ولا بمقدار العمل، ولا يعتبر وقوع العقد مع واحد معين. اهـ.
وقال أيضا: الفرق بينهما من وجوه.
أحدها: أن الجعالة يحتمل فيها الغرر، وتجوز مع جهالة العمل والمدة، بخلاف الإجارة.
الثاني: أن الجعالة عقد جائز، فلا يلزمه بالدخول فيها مع الغرر ضرر، بخلاف الإجارة، فإنها عقد لازم، فإذا دخل فيها مع الغرر، لزمه ذلك. اهـ.
وإذا كانت هذه المعاملة من باب الجعالة، فإنه يشترط لصحتها العلم بالعوض.
قال ابن قدامة: الجعالة تساوي الإجارة في اعتبار العلم بالعوض. اهـ.
فإذا كانت العمولة التي يستقطعها الموقع معلومة لكل مصمم، بحيث يكون عالما بقدر المال الذي سيحصل عليه في النهاية، فالعلم حاصل بقدر الجعل.
وكذلك الحال إذا دخل المصممون هذه المعاملة، وهم على علم مسبق بكون المبلغ سيقسم على المشاركين جميعا، أو كون العميل سيختار تصميما واحدا يحصل صاحبه على كامل المبلغ، فلا حرج في ذلك.
قال ابن قدامة: إذا قال لعشرة: من سبق منكم فله عشرة. صح. فإن جاءوا معا، فلا شيء لهم؛ لأنه لم يوجد الشرط الذي يستحق به الجعل في واحد منهم. وإن سبقهم واحد، فله العشرة؛ لوجود الشرط فيه. وإن سبق اثنان، فلهما العشرة. وإن سبق تسعة، وتأخر واحد، فالعشرة للتسعة؛ لأن الشرط وجد فيهم، فكان الجعل بينهم، كما لو قال: من رد عبدي الآبق فله عشرة. فرده تسعة. اهـ.
ويبقى إشكال واحد في حال المبلغ غير المضمون، وهو إذا تراجع العميل لسبب غير متعلق بجودة التصاميم ووفائها بغرضه، فإنه لا يحق له الرجوع بعد إتمام المصممين للعمل واستحقاقهم للجعل.
والله أعلم.