الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت طلقت زوجتك ووفيتها حقوقها وفق ما تراضيتما عليه؛ فلا نرى نفعا في الاشتغال بمعرفة ما إذا كانت ظالمة، أو ممن تكفر العشير أو نحو ذلك. فقد مضت لحال سبيلها، وعند الله تجتمع الخصوم، ولا نرى لك أن تدعو عليها، ففي الصبر أجر عظيم وفضل كبير.
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: الدعاء قصاص، وقال: فمن دعا فما صبر، أي فقد انتصر لنفسه. انتهى.
كما ننصحك بالعفو عنها ابتغاء مرضاة الله، ورجاء عفوه، فقد قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. {النور:22}.
والعفو عن المسيء يرفع درجة العبد، ويزيده عزًّا وكرامة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ".. وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا"
واشغل نفسك بالدعاء بالصلاح لعل الله يعوضك خيراً منها، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ. النساء {130}.
قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: أي وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. انتهى.
وقال ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد: قَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ مِنْ أَكْبَرِ النِّعَمِ الَّتِي يَفُكُّ بِهَا الْمُطَلِّقُ الْغُلَّ مِنْ عُنُقِهِ، وَالْقَيْدَ مِنْ رِجْلِهِ، فَلَيْسَ كُلُّ طَلَاقٍ نِقْمَةً، بَلْ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ مَكَّنَهُمْ مِنَ الْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ. انتهى.
والله أعلم.