الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنظر إلى الظل ليس كالنظر إلى الحقيقة، ولا نعلم دليلا يمنع النظر إليه، ولكن إن اقترن ذلك بشهوة محرمة، كان له حكمها، فحكم النظر مرتبط بالفتنة والشهوة، فكل ما يؤدي إلى ذلك يُمنع النظر إليه.
قال ابن عابدين في حاشيته (رد المحتار): النظر إنما منع منه خشية الفتنة والشهوة. اهـ.
ولذلك نص بعض أهل العلم على منع النظر إلى صورة العورة كما يمنع النظر إليها.
قال ابن القطان الفاسي في كتابه: إحكام النظر في أحكام النظر بحاسة البصر: كل ما قلنا: إنه لا يجوز أن ينظر إليه الرجل أو غيره من عورة، أو شخص، فإنه لا يجوز أن ينظر إلى المنطبع منه في مرآة، أو ماء أو جسم صقيل، ومن هاهنا لم يجز أن يقال في الزوجين، إذا اختلفا في الإِصابة عند العيب والاعتراض: ينظر إليهما في المرآة، وإنما لم يجز ذلك؛ لأن المرآة قد أدّت إلى الناظر من صفة المنطبع فيها، أكثر مما أدَّته المرأة الواصفة لزوجها امرأة أخرى، فقد حرّم الشرع ذلك، وهو دون هذا.
روى عبد الله بن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها. ولأنه في الحقيقة قد نظر إلى ذلك الشيء بعينه، لكن إما بانعكاس الأشعة، أو على وجه آخر مما قيل في سبب الإِدراك، مما ليس على الفقيه اعتباره، فاعلم ذلك. اهـ.
وقال في موضع آخر: الضابط المعتبر هو جلب الهوى الموقع في الفحشاء، من أجل ذلك نهينا عن النظر قطعا، وأمرنا بغض البصر في المواضع المسلمة التي لا نزاع فيها، والعلم بهذا كالعلم بأنا إنما نهينا عن الزنى مخافة اختلاط الأنساب. اهـ.
وإذا كان هذا النظر بقصد إنزال المني، كان له حكم الاستمناء.
جاء في الموسوعة الفقهية: يكون الاستمناء باليد، أو غيرها من أنواع المباشرة، أو بالنظر، أو بالفكر ... اهـ.
وانظر الفتوى: 204820.
وأما قراءة الأحكام بين الزوجين بشهوة، فلا نرى فيه حرجا ما دام بين الزوجين، إلا إذا ترتب على محظور شرعي، وانظر الفتوى: 158925.
والله أعلم.