الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن غلب على ظنك حين دفع الزكاة إلى ذلك الرجل أنه من أهلها، ثم طرأ عليك الشك بعد دفع الزكاة له أنه ليس من أهلها، لم تطالب بإخراج الزكاة ثانية، إلا إذا تحققت أنه ليس من أهلها، وانظر الفتوى: 114612 عمن دفع زكاته لمن يظنه مستحقاً ثم شك في استحقاقه.
وأما إن حصل عند الشك قبل أن تدفع إليه الزكاة، فلا يجزئ دفع الزكاة مع الشك في استحقاق الآخذ هل هو من أهل الزكاة أم لا؟ بل لا بد من اليقين، أو غلبة الظن بأنه من مصارفها.
قال البهوتي -الحنبلي- في كشاف القناع: وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَّا لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ يَظُنُّهُ مِنْ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، فَاحْتَاجَ إلَى الْعِلْمِ بِهِ؛ لِتَحْصُلَ الْبَرَاءَةُ، وَالظَّنُّ يَقُومُ مَقَامَ الْعِلْمِ؛ لِتَعَذُّرِ، أَوْ عُسْرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ، فَلَوْ لَمْ يَظُنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، فَدَفَعَهَا إلَيْهِ، ثُمَّ بَانَ مِنْ أَهْلِهَا، لَمْ يُجْزِئْهُ. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: إِذَا دَفَعَ الْمُزَكِّي الزَّكَاةَ وَهُوَ شَاكٌّ فِي أَنَّ مَنْ دُفِعَتْ إِلَيْهِ مَصْرِفٌ مِنْ مَصَارِفِهَا، وَلَمْ يَتَحَرَّ، أَوْ تَحَرَّى وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّهُ مَصْرِفٌ، فَهُوَ عَلَى الْفَسَادِ. اهــ.
ثم إن ابن السبيل لا يعطى زائدا على ما يحتاجه في الوصول إلى بلده.
جاء في الموسوعة الفقهية: وَلاَ يُعْطَى أَهْل هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الزَّكَاةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَكْفِيهِ لِلرُّجُوعِ إِلَى وَطَنِهِ، وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَابِلَةِ: إِنْ كَانَ قَاصِدًا بَلَدًا آخَرَ يُعْطَى مَا يُوصِلُهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَى بَلَدِهِ.
قَال الْمَالِكِيَّةُ: فَإِنْ جَلَسَ بِبَلَدِ الْغُرْبَةِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنَ الزَّكَاةِ، نُزِعَتْ مِنْهُ، مَا لَمْ يَكُنْ فَقِيرًا بِبَلَدِهِ، وَإِنْ فَضَل مَعَهُ فَضْلٌ بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى بَلَدِهِ، نُزِعَ مِنْهُ عَلَى قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. اهــ.
وأما الأموال التي لك على الناس: إن كنت تسأل عن كيفية زكاتها، فانظر لها الفتوى: 304195، والفتوى: 348592.
والله أعلم.