الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت النساء اللاتي يقمن بالشرح عجائزَ من القواعد من النساء، فإنه لا حرج في النظر إليهن، على تفصيل ذكرناه في الفتوى: 344455.
وإن لم يكنَّ من العجائز واقتصر على النظر إلى وجوههن، فقد نص بعض الفقهاء على جواز النظر إلى وجه الأجنبية عند الحاجة مع عدم الشهوة.
قال ابن قدامة في المغني: فَلَهُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا، لِيَعْلَمَهَا بِعَيْنِهَا، فَيَرْجِعَ عَلَيْهَا بِالدَّرَكِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الشَّابَّةِ دُونَ الْعَجُوزِ. وَلَعَلَّهُ كَرِهَهُ لِمَنْ يَخَافُ الْفِتْنَةَ، أَوْ يَسْتَغْنِي عَنْ الْمُعَامَلَةِ، فَأَمَّا مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ، فَلَا بَأْسَ. اهــ.
وأما النظر إلى غير وجوههن كشعورهن ونحورهن وصدورهن، فهذا لا يجوز؛ لما فيه من المخالفة الصريحة للنصوص الدالة على غض البصر. ويمنع النظر إليها ولو بغير شهوة؛ لأن ذلك النظر مظنة حصولها، ونظر الفجأة يقع بغير شهوة، ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصرف النظر فيه، فعن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الفُجَاءَةِ «فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي». رواه مسلم والترمذي وغيرهما.
وروى البخاري في صحيحه عن سَعِيد بْن أَبِي الحَسَنِ أنه قال للحسن البصري: إِنَّ نِسَاءَ العَجَمِ يَكْشِفْنَ صُدُورَهُنَّ، ورؤوسهن؟ قَالَ: «اصْرِفْ بَصَرَكَ عَنْهُنَّ»، قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30].
جاء في الموسوعة الفقهية: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل تَعَمُّدُ رُؤْيَةِ مَا يُعْتَبَرُ عَوْرَةً مِنَ الْمَرْأَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَحْرَمًا أَمْ أَجْنَبِيَّةً. اهـ.
وانظر الفتوى: 243961 بعنوان: "ما المانع من النظر إلى النساء دون شهوة؟"، والفتوى: 273004 عن حكم النظر إلى الأجنبية كاشفة الشعر بغير شهوة.
والله أعلم.