الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك لا يتأذى بتقليلك الكلام معه، فليس ذلك من العقوق؛ لأن العلماء قد ضبطوا العقوق بأنه يحصل ولو باليسير من الأذى، وانظري الفتوى: 73463، والفتوى: 73485.
فإذا انتفى الأذى انتفى العقوق. ولكن نصيحتنا لك أن تتكلفي مؤانسته، ومحاولة إدخال السرور عليه؛ لأن هذا من البر، ومن أسباب نيل رضا الله عز وجل ومحبته. ولأنه لو قدر أن حصل فراق يوما ما كانت الندامة، وتمنى المرء أن لو كسب كل لحظة في الحديث مع الوالد والأنس معه.
وإن كنت معتادة على العزلة، وطبعت على ذلك، فإن هذا يمكن تغييره بالتكلف والمجاهدة حتى تكون المخالطة سجية، فالأخلاق تكتسب، ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر. وفي الحديث الذي رواه الطبراني أن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، مَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ. وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير.
والله أعلم.