الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما فعله أبوه أمرا منكرا، فإنه يأثم بذلك، ولا حرج في أن يكره صديقك من أبيه ما فعل، فهذا الكره القلبي لا مؤاخذة فيه؛ لأنه لا مدخل له فيه ولا اختيار، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، وروى ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه . ولو اطلع منه على الوقوع في هذا المنكر أو غيره، فلينكر عليه ذلك، فالأب ينكر عليه كما ينكر على غيره، مع مراعاة المزيد من الرفق والأدب، فليس الأب كغيره، وانظر الفتوى: 134356.
ويجب عليه أن يكون على حذر من أن يصدر عنه ما يؤذي أباه، ولو بأدنى درجات الأذى، فذلك موجب للعقوق، فالله عز وجل أمر ببر الأب والإحسان إليه، ولو كان كافرا، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا... الآية{لقمان:15}، فتجنبه لأبيه، وتركه الحديث معه يتنافى ما أمر به هنا من حسن الصحبة. ودعاؤه عليه بالموت أمر منكر، ونوع من العقوق تجب عليه التوبة منه. ويحرم كذلك أن يدعو المسلم على نفسه بالهلاك، وسبق لنا بيان ذلك في الفتوى: 8729. وكذلك الحال بالنسبة للبراءة من النسب فإنه لا يجوز؛ كما هو مبين في الفتوى: 76375.
وقد أحسن بدعائه له بالخير والصلاح، فليثبت على ذلك، وليبذل له النصح بالحكمة والموعظة الحسنة في ضوء ما ذكرنا من أحكام وتوجيهات.
والله أعلم.