الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج كربك، ويشرح صدرك، ويتوب عليك توبة نصوحا، واعلمي أنّ الانتحار كبيرة من أكبر الكبائر، ومعصية عظيمة لا يقدم عليها مؤمن، فالمؤمن لا ييأس من رحمة الله أبداً، ومهما نزل به من ضر أو اشتد عليه البلاء، فهو مطمئن النفس قوي القلب؛ لأن له ربا بيده ملكوت السماوات والأرض، ولا تخفى عليه خافية، وهو سبحانه أرحم بالعبد من أمه وأبيه ونفسه التي بين جنبيه.
فاتقي الله، واعتصمي به، وفوضي أمرك إليه، واحذري أن يستدرجك الشيطان إلى مثل هذه الخواطر المريضة، وراجعي الفتوى: 10397.
واعلمي أنّ الذنب مهما عظم، فإنّه لا يعظم على عفو الله، فمن سعة رحمة الله، وعظيم كرمه أنه يقبل التوبة، بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه.
فبادري بالتوبة إلى الله والإقبال عليه، واحذري من تخذيل الشيطان، وإيحائه لك باليأس، والعجز عن التوبة والاستقامة، فذلك من وسوسته ومكائده، فإنّ التوبة من هذه الذنوب يسيرة بإذن الله تعالى، وراجعي الفتوى: 23231، والفتوى: 7170.
ولا تستسلمي لدواعي الكسل والعجز، واستعيني بالله تعالى، وتوكلي عليه، واحرصي على تنظيم أوقاتك، وترتيب أعمالك، وأول ما يجب عليك الاهتمام به الصلاة فهي عمود الإسلام، ومفتاح كل خير، قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ. البقرة (45).
قال السعدي –رحمه الله-: أمرهم الله أن يستعينوا في أمورهم كلها بالصبر بجميع أنواعه، وهو الصبر على طاعة الله حتى يؤديها، والصبر عن معصية الله حتى يتركها، والصبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها، فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه معونة عظيمة على كل أمر من الأمور، ومن يتصبر يصبره الله، وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، يستعان بها على كل أمر من الأمور. اهـ
وأكثري من ذكر الله، والإلحاح في دعائه، وأحسني الظن بالله ، فهو سبحانه عند ظن عبده ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي، وَاللَّهِ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجدُ ضَالَّتَهُ بِالْفَلاَةِ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَىَّ يَمْشِي أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ. رواه مسلم.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.