الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق وأن بينا أنه لا ينبغي للولي أن يرفض من تقدم لخطبة موليته من الأكفاء لغير مسوغ شرعي، فراجع الفتوى: 998، والفوارق الاجتماعية والدراسية لا تسوغ له رد الأكفاء.
ولا يجوز للرجل الزواج من امرأة، إلا بإذن وليها، على ما نرجحه من أقوال الفقهاء، ولا فرق في هذا بين البكر والثيب، وراجع الفتوى: 32593، والفتوى: 1766.
ومجرد كون هذا الرجل إمام المسجد في ذلك البلد، لا يخوّل له تولي أمر تزويجها.
وعلى فرض كونه يقوم مقام القاضي، فليس له أن يزوّجها لمجرد دعواك أن وليّها عاضل لها؛ حتى يدعوه لتزويجها، ويمتنع لغير سبب مقبول، جاء في حاشية الدسوقي: وحاصل الفقه: أنه إذا امتنع الولي غير المجبر من تزويجها بالكفء الذي رضيت به في المسألتين؛ فإن الحاكم يسأله عن وجه امتناعه، فإن أبدى وجهًا، ورآه صوابًا، ردّها إليه، وإن لم يُبدِ وجهًا صحيحًا، أمر بتزويجها. فإن امتنع من تزويجها بعد الأمر، زوّجها... اهـ.
وبناء على ذلك؛ فإن هذا الزواج لا يصحّ، ويجب تجديده على الوجه الصحيح، إن رغبتما في استمرار الزوجية، وهذا ما لم تكن قد دخلت بها، فيمضي الزواج في هذه الحالة، قال الشاطبي في الموافقات: فَالنِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ، قَدْ يُرَاعَى فِيهِ الْخِلَافُ، فَلَا تَقَعُ فِيهِ الْفُرْقَةُ إِذَا عُثِرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ مُرَاعَاةً لِمَا يَقْتَرِنُ بِالدُّخُولِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي ترجح جَانِبَ التَّصْحِيحِ، وَهَذَا كُلُّهُ نَظَرٌ إِلَى مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ بِالنَّقْضِ وَالْإِبْطَالِ مِنْ إِفْضَائِهِ إِلَى مَفْسَدَةٍ تُوَازِي مَفْسَدَةَ مُقْتَضَى النَّهْيِ أَوْ تَزِيدُ. اهـ.
والله أعلم.