الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: من كان واقعًا في معصية من المعاصي، فإن الواجب عليه أن يتوب منها.
ومن أمارات الخذلان أن يهوِّن العاصي على نفسه المعصية، بمقارنتها بما هو أكبر منها.
ولا شك أن المعاصي تتفاوت، ولكنَّ تفاوتَها ليس مبررًا في الإصرار على الصغير منها، وقد جاء في حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلًا: كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلَاةٍ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ، فَيَجِيءُ بِالْعُودِ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا، فَأَجَّجُوا نَارًا، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا. رواه أحمد.
والوضوء مع وجود شيء يحول بين العضو وبين وصول الماء، لا يصح، ومن صلى بذلك الوضوء، لم تصح صلاته، وإن كان عالمًا متعمدًا، فهو عاص، ومرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب؛ لفعله ما يعلم بطلان الصلاة به.
والتهاون في طهارة الصلاة من أسباب عذاب القبر -والعياذ بالله-، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أُمِرَ بعبد من عباد الله أن يُضرب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو؛ حتى صارت جلدة واحدة، فجلد جلدة واحدة، فامتلأ قبره عليه نارًا، فلما ارتفع عنه، وأفاق، قال: على ما جلدتموني؟ قالوا: إنك صليت صلاة واحدة بغير طهور، ومررت على مظلوم، فلم تنصره. والحديث أخرجه الطحاوي، وجوّد إسناده الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 2774.
وسماع الأغاني معصية أيضًا، تجب التوبة منها؛ فالغناء مزمار الشيطان، وإذا تمكّن من قلبٍ أفسده، وأنبت فيه النفاق، والقسوة، والغفلة.
والتدخين محرم، وضرره ليس قاصرًا على المدخّن في نفسه، بل يتعدى إلى ماله، وإلى من حوله من الناس، فهو بهذا أشد من المعصية المقتصر ضررها على صاحبها.
وأما تغطية المرأة وجهها، فأهل العلم ليسوا متفقين على أن وجه المرأة عورة يجب ستره، والخلاف في هذا معتبر، كما ذكرناه في الفتوى: 207964.
فالواجب عليك -أخي السائل- أن تتوب إلى الله تعالى من التدخين.
وإن كانت زوجتك تستمع إلى الغناء، وتصلي بوضوء غير مجزئ، فالواجب عليها التوبة إلى الله تعالى، ولن ينفعكما عند الله مقارنة تلك المعاصي بعضها ببعض.
والله أعلم.