الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته في السؤال حيلة محرمة لأخذ ما لا تستحقينه، وما تجدينه في نفسك من حرج دال على أن في قلبك إيمانا وحياة، وقد سأل وابصة النبي -صلى الله عليه وسلم- عن البر والإثم فقال: ..... استفت نفسك، استفت قلبك يا وابصة، ثلاثاً، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك. أخرجه الدارمي وأحمد عن وابصة.
فاستغفري الله تعالى مما فات، وكفي عنه فيما يستقبل، وبيني للمدرسة أنك تسكنين مع أهلك ليقطعوا تلك الزيادة، ولكن بيني لهم ذلك بطريقة لا تضرك إذا كان إعلامهم بالحيلة السابقة يترتب عليها ضرر وعقوبة تلحقك.
ويمكنك التخلص من مقدار الزيادة التي أخذت سابقا بردها إلى الجهة المسؤولة، ولو بطرق غير مباشرة إن أمكنك ذلك، وإلا فتصرف في المصالح العامة المشتركة بين الناس كالمستشفيات والطرق والمدارس ونحوها.
وأما كون أكثر الناس يفعلون تلك الحيل، فهذا لا يسوغ الوقوع فيها ولا يبيحه. واعلمي - وفقك الله - أن القليل من الناس هم الذين يسلكون طريق الحق، كما قال عز وجل: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سـبأ:13]، وقوله أيضاً: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116].
وكم في القرآن من قول الحق سبحانه: وَلَكنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ [الأنعام:111]، فلا تستوحشي في سلوك طريق الحق وإن قلَّ سالكوه، ولا تغتري بكثرة الهالكين على طريق الباطل، ولا يصدنك قلة السالكين لطريق الحق.
والله أعلم.