الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نظفر بالحديث الذي ذكرته، لا في كتب السنة ودواوينها، ولا في الكتب المصنفة في الأحاديث الضعيفة، ولا في كتب السيرة النبوية.
وقد جاء في بعض الأحاديث في صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ. يعني لحسنه وصفائه وبهاء ضيائه، كما في وصف ابْنَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ له -صلى الله عليه وسلم-.
وعند الترمذي بسند فيه ضعف من حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي وَجْهِهِ. قال العلماء: شَبَّهَ جَرَيَانَ الشَّمْسِ فِي فَلَكِهَا بِجَرَيَانِ الْحُسْنِ فِي وَجْهِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي حديث كعب بن مالك في الصحيحين: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ. اهــ
وَفِي الْبُخَارِيِّ: وَسُئِلَ الْبَرَاءُ: أَكَانَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ السَّيْفِ، قَالَ: لَا، بَلْ مِثْلَ الْقَمَرِ. والمعنى أنه عليه الصلاة والسلام كان مشرق الوجه مضيئه.
وقد أحسن من قال:
كأن الثُرَيَّا عُلِّقَتْ في جبينه وفي جِيْدِه الشِّعْرَى وفي وجِههِ القَمَرُ
عليه جَلالُ المَجْدِ لوْ أنَّ وَجْهَهُ أضَاءَ بليلٍ هلَّلَ البَدْوُ والحَضَر.
ولا يلزم من هذا أن تنار الغرفة التي هو فيها كما تنار بالمصباح، فقد كان يكون مع عائشة -رضي الله عنها- في الليل فتقوم فلا تجده في الفراش، فتتلمس مكانه بيدها من ظلمة الليل. ففي حديث عَائِشَةُ -رَضِيَ الله عَنْهَا-: فَقَدْتُ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَضْجَعِهِ فَجَعَلْتُ أَلْتَمِسُهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ أَتَى بَعْضَ جَوَارِيهِ، فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ. والحديث رواه مسلم والنسائي واللفظ له.
قال محمد المختار بن أحمد مزيد الشنقيطي في شروق الأنوار: وقولها: (بيدي) لأنها كانت في ظلمة، وتقدم أن بيوتهم لم تكن فيها مصابيح. اهــ.
والله أعلم.