الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فننبه أولًا إلى أنّ ما يحصل من التعارف بين الشباب والفتيات، وما يعرف بعلاقات الحب بينهما، باب شر وفساد، وانظر الفتوى: 355906.
فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى، وأن تقف عند حدود الشرع في التعامل مع الأجنبيات، فالخاطب أجنبي من المخطوبة ما دام لم يعقد عليها العقد الشرعي، شأنه معها شأن الرجال الأجانب، لا يكلمها لغير حاجة، وراجع الفتوى: 57291.
وأمّا المصائب التي حصلت لك، أو لأبيك، أو لأختك؛ فهي -بلا شك- بقدر الله تعالى، وليس في الكون شيء يحصل بغير قدر الله.
وغير صحيح أنّ هذه المصائب حصلت بشؤم الفتاة التي تريد زواجها.
والحديث الذي ورد فيه نسبة الشؤم إلى المرأة: ما رواه البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس، والمرأة، والدار. وفيه أيضًا عن ابن عمر، قال: ذكروا الشؤم عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن كان الشؤم في شيء، ففي الدار، والمرأة، والفرس.
وقد اختلف أهل العلم في المراد بالشؤم المذكور في هذه الأحاديث على أقوال متعددة، ومن أرجحها عندنا ما اختاره الطبري، والطحاوي: أنّ المقصود نفي الشؤم عن هذه الثلاث، وليس إثباته، قال الطبري -رحمه الله- في تهذيب: أَمَّا قَوْلُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ، فَفِي الدَّارِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالْفَرَسِ»، فَإِنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ بِذَلِكَ صِحَّةَ الطِّيَرَةِ، بَلْ إِنَّمَا أَخْبَرَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ ذَلِكَ إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ، فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثِ، وَذَلِكَ إِلَى النَّفْيِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الْإِيجَابِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إِنْ كَانَ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَحَدٌ، فَزَيْدٌ، غَيْرُ إِثْبَاتٍ مِنْهُ أَنَّ فِيهَا زَيْدًا، بَلْ ذَلِكَ مِنَ النَّفْيِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا زَيْدٌ، أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الْإِثْبَاتِ أَنَّ فِيهَا زَيْدًا. انتهى.
وعليه؛ فالذي ننصحك به ألا تترك الفتاة التي تراها مناسبة لك، وتشعر بالراحة معها، لكن عليك أن تراعي ضوابط الشرع في التعامل معها.
وبخصوص الفتاة السابقة، فلا يلزمك شيء غير التوبة.
والله أعلم.