الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت من إهمال والديك السؤال عنك، وترك صلتك مدة طويلة دون عذر؛ فهما مقصّران في حقّك، وغير قائمين بما عليهما من المسؤولية نحوك، لكنّ ذلك لا يسقط حقّهما عليك في البر، والمصاحبة بالمعروف، وانظري الفتوى: 114460.
وأمّا كتابة نسبك في الأوراق الرسمية إلى جدّك وجدّتك بدلًا من أبويك؛ فهذا فيه من المفاسد ما لا يخفى، فقد يؤدّي إلى ثبوت حقوق غير ثابتة شرعًا؛ كالإرث، والمحرمية.
والصواب: تصحيح النسب في الأوراق الرسمية، إن أمكن، أو أخذ الاحتياطات الكافية؛ حتى لا تحصل تلك المفاسد.
وأمّا مطالبتهما لك بالانتقال للعيش معهما في البلد الذي يقيمون فيه؛ فالأصل أنّ هذا صواب، وعليك طاعتهما في ذلك.
وقول أمّك: إنّ أبناء خالك ليسوا من محارمك؛ قول صحيح.
وكونك تربّيت معهم، وكونهم يعدّونك أختًا لهم؛ كل ذلك لا يجعلهم محارم لك، ولا يبيح لك التهاون في معاملتهم، إذا كانوا بالغين.
لكن إذا كان عليك ضرر حقيقيّ في الانتقال إلى البلد الذي يقيم فيه والداك؛ لكونه غير آمن؛ ففي هذه الحال؛ لا تلزمك طاعتهما في الانتقال إليه، ويجوز لك البقاء في بيت جدّك، مع مراعاة الوقوف عند حدود الله، والاحتياط في معاملة أبناء خالك، وغيرهم من الأجانب، مع مداومة برّك بوالديك، والإحسان إليهما، قدر طاقتك.
والله أعلم.