الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقصة المذكورة عن سعدٍ -رضي الله عنه- لم نقف عليها بسند صحيح، وإنما ذكرها بعض أهل العلم بصيغة التمريض، قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم: رُوِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ كَانَ يَدْعُو لِلنَّاسِ لِمَعْرِفَتِهِمْ لَهُ بِإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ لِبَصَرِكَ، وَكَانَ قَدْ أُضِرَّ، فَقَالَ: قَضَاءُ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَصَرِي. اهــ.
وهناك فرقٌ بين الصبر على القضاء، وبين الرضا به، فقد يصبر الإنسان، فلا يتسخط، ولا يجزع، وهو غير راضٍ، ويدعو الله بأن يزول عنه المكروه، وقد ذكرنا الفرق بينهما في الفتوى: 133621. كما بينا أيضا في الفتوى: 195677. أنه لا منافاة بين الدعاء وبين الرضا، وقد صبر نبي الله أيوب -عليه السلام-، ودعا الله أن يكشف ما به، فلا تعارض بين الصبر على البلاء، وبين دعاء الله برفعه.
وأيضا سوء الاختيار لا يخرج عن القضاء، فإذا أساء العبدُ الاختيار، وحصل له ضرر أو مكروه، فإن هذا كله وقع له بقضاء الله وقدره.
والله أعلم.