الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المقطوع به أنك كنت تصلي بنية، فإن تصور أن شخصا ما يعمل عملا بلا نية، تصور بعيد، بل ممتنع، بل لو كلف الله العباد أن يعملوا بلا نية لكان تكليفا بما لا يطاق.
فالنية هي أن يحضر في قلبك أنك تصلي صلاة كذا، وهذا مما لا شك في حصوله منك، والتلفظ بها ليس شرطا في صحتها، بل الصحيح أنه غير مشروع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَالنِّيَّةُ تَتْبَعُ الْعِلْمَ، فَمَنْ عَلِمَ مَا يُرِيدُ فِعْلَهُ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ ضَرُورَةً، كَمَنْ قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامًا لِيَأْكُلَهُ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُرِيدُ الْأَكْلَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ، وَكَذَلِكَ الرُّكُوبُ وَغَيْرُهُ؛ بَلْ لَوْ كَلَّفَ الْعِبَادَ أَنْ يَعْمَلُوا عَمَلًا بِغَيْرِ نِيَّةٍ كُلِّفُوا مَا لَا يُطِيقُونَ؛ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا مَشْرُوعًا أَوْ غَيْرَ مَشْرُوعٍ فَعِلْمُهُ سَابِقٌ إلَى قَلْبِهِ وَذَلِكَ هُوَ النِّيَّةُ.
وَإِذَا عَلِمَ الْإِنْسَانُ أَنَّهُ يُرِيدُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ إذَا عَلِمَهُ ضَرُورَةً، وَإِنَّمَا يَتَصَوَّرُ عَدَمَ النِّيَّةِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا يُرِيدُ مِثْلَ مَنْ نَسِيَ الْجَنَابَةَ وَاغْتَسَلَ لِلنَّظَافَةِ أَوْ لِلتَّبَرُّدِ، أَوْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُعَلِّمَ غَيْرَهُ الْوُضُوءَ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ لِنَفْسِهِ، أَوْ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَيُصْبِحُ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ. وَأَمَّا الْمُسْلِمُ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ صَوْمَ رَمَضَانَ، فَهَذَا لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ ضَرُورَةً، وَلَا يَحْتَاجَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. انتهى.
فأنت ولا شك ناو للعبادة التي فعلتها، وإنما تصورك أنك لم تنو هو من خطئك في فهم معنى النية والمراد بها، ومن ثم فلا تعد شيئا من الصلوات، وراجع للفائدة حول وقت النية وكيفيتها فتوانا: 132505.
والله أعلم.