الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك الأخذ من تلك الأمانة إلا بإذن من صاحبها، وكونك موسرا لا يبيح لك التصرف فيها.
فاستغفر الله تعالى مما فعلت، وبادر إلى رد ما سحبته إلى الحساب، حتى تجد المصرف المحدد وفق ما نص المتبرع عليه؛ لتصرف فيه تلك الأمانة، أو تبقى في الحساب كما هي. وأي تصرف آخر بغير ذلك، لا بد من الرجوع فيه إلى صاحبها واستئذانه: فإن أذن فلا حرج، وإلا فلا؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}.
وعدَّ النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة صفة من صفات المنافقين، حين قال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا اؤتمن خان. رواه البخاري ومسلم.
وأما قول صاحب المال: "إنها أمانة تحملها الوالد، ويجب أن نتحمل نحن المسؤولية" فهذا غير صحيح، بل لكم رد المال إليه؛ لأن ما كان بينه وبين الأب وكالة.
جاء في الموسوعة الفقهية: الوكالة عرّفها الشافعية بأنها: "تفويض شخص ما له فعله، مما يقبل النيابة، إلى غيره؛ ليفعله في حياته.
والوكالة تبطل بموت الوكيل اتفاقا.
جاء في الموسوعة الفقهية: تبطل الوكالة بموت الموكل أو الوكيل باتفاق الفقهاء؛ وذلك لأن الموت مبطل لأهلية التصرف، فإذا مات الموكل أو الوكيل بطلت أهليته بالموت، فتبطل الوكالة. اهـ.
وبناء عليه، فلكم رد المال إليه، ولا يلحق المتوفى بذلك إثم أو تبعة. ولكم قبول الوكالة عن صاحب المال، وصرفه في الأوجه التي قررها.
والله أعلم.