الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبعد البحث في كتب أسباب النزول لم نجد من ذكر سببا لنزول السورة كلها، وغاية ما وجدناه هو ذكر سبب نزول بعض أياتها؛ فمن ذلك الآية رقم (19)، قال ابن كثير في تفسيره: وقال الثوري، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فغنموا، فجاء قوم لم يشهدوا الغنيمة فنزلت هذه الآية: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم}. وهذا يقتضي أن هذه مدنية، وليس كذلك، بل هي مكية شاملة لما بعدها. اهـ
وقد أورد هذا الأثر السيوطي في كتابه (أسباب النزول) فقال: أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن الحسن بن محمد بن الحنفية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث سرية، فأصابوا وغنموا، فجاء قوم بعد ما فرغوا- لم يشهدوا الغنيمة-، فنزلت: وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ. اهـ.
ومن ذلك أيضا الآيتان (54- 55) قال السيوطي: وأخرج أيضا ابن منيع وابن راهويه والهيثم بن كليب في مسانيدهم من طريق مجاهد عن علي قال : لما نزلت {فتول عنهم فما أنت بملوم} لم يبق منا أحد إلا أيقن بالهلكة إذ أُمِرالنبي -صلى االله عليه وسلم- أن يتولى عنا فنزلت:{ وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } فطابت أنفسنا. وأخرج ابن جريرعن قتادة قال: ذكر لنا أنه لما نزلت { فتول عنهم } الآية اشتد على أصحاب رسول الله -صلى االله عليه وسلم- ورأوا أن الوحي قد انقطع، وأن العذاب قد حضر، فأنزل الله { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين }. اهـ
أما بالنسبة لسبب تسميتها بهذا الاسم، فلافتتاحها به، قال -جلّ من قائل- في مطلع هذه السورة: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا.
ولا ندري ماذا تقصد من ذكر ابن كثير هنا.
والله أعلم.