الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الآية الكريمة ليست صريحة في أن النزول بالوحي غير مختص بجبريل -عليه السلام-، فقد يكون المراد بالملائكة جبريل وحده، والجمع للتعظيم، أو باعتبار من يجيء مع جبريل من الملائكة الحفظة، جاء في تفسير القرطبي: (فالملقيات ذكرًا) الملائكة بإجماع، أي: تلقي كتب الله عز وجل إلى الأنبياء -عليهم السلام-. قاله المهدوي.
وقيل: هو جبريل، وسمي باسم الجمع؛ لأنه كان ينزل بها.
وقيل: المراد الرسل يلقون إلى أممهم ما أنزل الله عليهم. قاله قطرب. اهـ.
وفي روح المعاني للألوسي: فَالْمُلْقِياتِ ذِكْرًا: قيل أقسم سبحانه بمن اختاره من الملائكة -عليهم السلام- على ما أخرجه عبد بن حميد، عن مجاهد، فقيل: المرسلات والعاصفات طوائف، والناشرات والفارقات والملقيات طوائف أخرى:
فالأولى: طوائف أرسلن بأمره تعالى، وأمرن بإنفاذه، فعصفن في المضي وأسرعن، كما تعصف الريح؛ تخففًا في امتثال الأمر وإيقاع العذاب بالكفرة، إنقاذًا للأنبياء -عليهم السلام-، ونصرة لهم.
والثانية: طوائف نشرن أجنحتهن في الجوّ عند انحطاطهن بالوحي، ففرقن بين الحق والباطل، فألقين ذكرًا إلى الأنبياء -عليهم السلام-. ولعل من يلقي الذكر لهم غير مختص بجبريل -عليه السلام-، بل هو رئيسهم. اهـ.
وفي تفسير أبي السعود لقوله تعالى: يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ {النحل:2}: والمُرادُ بِالمَلائِكَةِ: إمّا جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلامُ-. قالَ الواحِدِيُّ: يُسَمّى الواحِدُ بِالجَمْعِ، إذا كانَ رَئِيسًا، أوْ هو ومَن مَعَهُ مِن حَفَظَةِ الوَحْيِ بِأمْرِ اللَّهِ تَعالى. اهـ.
وراجع للفائدة، الفتويين: 114392، 314662.
والله أعلم.