الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فبين لوالدك عدم جواز عمله هذا، إن كان يقدم فيه لرواد المقهى الشيشة، أو يساعد على ذلك، وانصحه، ولا تترك نهيه عن المنكر؛ لظنّك أنّه لن يستجيب، وإذا أديت ما عليك من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ولم يستجب؛ فلا إثم عليك، قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: قَالَ الْعُلَمَاء -رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ-: وَلَا يَسْقُط عَنْ الْمُكَلَّف الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر؛ لِكَوْنِهِ لَا يُفِيد فِي ظَنِّهِ، بَلْ يَجِب عَلَيْهِ فِعْلُهُ، فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَع الْمُؤْمِنِينَ. وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَمْر وَالنَّهْي، لَا الْقَبُول، وَكَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ}. انتهى.
لكن ننبهك إلى أنّ أمر الوالد بالمعروف، ونهيه عن المنكر؛ ليس كأمر غيره ونهيه، فلا بدّ أن يكون ذلك برفق، وأدب، من غير إغلاظ، ولا إساءة، قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ، وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى من الآداب الشرعية.
والله أعلم.