الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أنه لا يلزمك شرعًا أن تدفعي شيئًا من المال إلى صديقتك تلك.
وأما هل إذا أعطيتِها المال تثابين أم تحاسبين؟:
فإن كنت تعلمين، أو يغلب على ظنك أنها ستنفق المال في سفهٍ، فإنه يُخشى عليك الإثم بإعطائها المال؛ لما في دفعه لها من تضييع المال.
وقد جاء النهي عن تضييع المال، ووجوب حفظه، وتدبيره، وحسن القيام عليه، حيث جعله الله تعالى سببًا في إصلاح المعاش، وانتظام الأمور، قال الله تعالى: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا {النساء:5}، قال السعدي في تفسيره: السفهاء: جمع "سفيه" وهو: من لا يحسن التصرف في المال، إما لعدم عقله، كالمجنون، والمعتوه، ونحوهما، وإما لعدم رشده، كالصغير، وغير الرشيد. فنهى الله الأولياء أن يؤتوا هؤلاء أموالهم؛ خشية إفسادها وإتلافها؛ لأن الله جعل الأموال قيامًا لعباده في مصالح دينهم ودنياهم، وهؤلاء لا يحسنون القيام عليها وحفظها. اهــ.
وإن كنت لا تعلمين، ولم يغلب على ظنك أنها ستنفقه في سفهٍ، فالأصل جواز دفع المال إليها، وتؤجرين على إعانتها.
وما دمت حريصة على فعل الخير، وتفريج كربات المحتاجين؛ فإن المحتاجين كثر، ومن الناس من هو أحوج إلى المال من كثير من طلاب الجامعات، وبلاد المسلمين ملأى بالفقراء، والمساكين.
وأما النصيحة بشأن تلك الصديقة:
فإن كانت صديقتك تعينك على طاعة الله تعالى، والتقرب إليه، فاحرصي على صحبتها.
وإن كانت غير ذلك، فابتعدي عنها، وفي الحديث: لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ. رواه أبو داود، والترمذي.
والله أعلم.