الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الرضا، وهذه السكينة والطمأنينة التي أنزلها الله على قلبك؛ نعمة عظيمة من الله تعالى؛ فالرضا من أفضل العبادات، ومن أعلى المقامات، وهو ثمرة الإيمان بالله، والتوكل عليه، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {التغابن: 11}، قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنّها من عند الله، فيرضى ويسلّم. انتهى من تفسير ابن كثير.
وهو من أعظم أسباب سعادة العبد في الدنيا والآخرة، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوًما ابتلاهم، فمن رضي، فله الرضا، ومن سخط، فله السخط. رواه الترمذي.
قال الطيبي في شرح المشكاة: وقوله: (فمن رضي، فله الرضا) شرط وجزاء، فهم منه أن رضا الله تعالى مسبوق برضا العبد، ومحال أن يرضى العبد عن الله إلا بعد رضا الله عنه، كما قال: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} ومحال أن يحصل رضا الله، ولا يحصل رضا العبد في الآخرة. انتهى.
وقال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: فمن وصل إلى هذه الدرجة، كان عيشه كله في نعيم وسرور، قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل:97]، قال بعض السلف: الحياة الطيبة: هي الرضا، والقناعة. وقال عبد الواحد بن زيد: الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، ومستراح العابدين. انتهى.
فأبشر خيرًا، واشكر الله قلبًا، وعملًا، ولسانًا.
والله أعلم.