الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنا نخشى أن يكون تكرار السؤال هذا منشؤه من الوسوسة؛ فإنه إن كان كذلك، فلن يجدي الجواب، ولو تكرر!
وعلى أية حال؛ فالمرتدّ بجحد شيء من أمور الإيمان -فيما بينه وبين نفسه، دون أن يعلن ذلك، ويصل أمره للقاضي-، فتوبته تكون فيما بينه وبين الله تعالى، وهذا لا يحتاج إلى إقرار لفظي، فحسبه مع توبته أن ينطق بالشهادتين.
وأما إن عرف الناس ردّته بجحد ذلك، أو بلغ أمره إلى القاضي، فهنا توبته تنفعه عند الله، وأما عند الناس الذين لا يعلمون الغيب، ولا مكنون الصدر، فلا يقبلون توبته، إلا بالإقرار اللفظي بما جحده، والفرق واضح بين توبته عند الله التي تنفعه في الآخرة، وبين توبته التي تترتب عليها الأحكام عند الناس في الدنيا؛ ولذلك قال ابن قدامة في المغني: الخلاف بين الأئمة في قبول توبتهم في الظاهر من أحكام الدنيا: من ترك قتلهم، وثبوت أحكام الإسلام في حقهم؛ وأما قبول الله تعالى لها في الباطن، وغفرانه لمن تاب وأقلع ظاهرًا أم باطنًا، فلا خلاف فيه، فإن الله تعالى قال في المنافقين: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:146]. اهـ.
ونحن لا ندري مَن الشيخ الذي سأله السائل؟ لنثبت في ذلك خلافًا، ينبني عليه سؤال: ماذا يفعل العامي إذا اختلف عليه المفتون؟
ومع ذلك؛ فراجع جواب هذا السؤال في الفتويين: 123527، 360223.
والله أعلم.