الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فإن الأيمان والنذور يرجع فيها إلى نية الحالف والناذر.
فإن عدمت، رجع إلى سبب اليمين أو النذر، وإلا رجع إلى ما يقتضيه ظاهر اللفظ.
فإن كانت نيتك أنك تتصدق بأربعة آلاف من أول راتب كامل تستلمه، لم يجب عليك وفاء النذر مما أخذته أولًا، وجاز لك تأخير الوفاء إلى حين قبض الراتب التام.
وإن لم تكن لك نية وقت النذر، فإنه يرجع إلى ظاهر اللفظ، ومن ثم؛ فتلزمك الآلاف الأربعة من أول راتب تسلمته، جاء في الروض المربع مختصرًا: (يُرْجَعُ فِي الأَيْمَانِ إِلَى نِيَّةِ الحَالِفِ، إِذَا احْتَمَلَهَا اللَّفْظُ)؛ لقولِه عليه السلام: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ... (فَإِنْ عُدِمَتِ النِّيَّةُ؛ رُجِعَ إِلَى سَبَبِ اليَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا)؛ لدلالةِ ذلك على النيةِ...
(فَإِنْ عُدِمَ ذَلِكَ)، أي: النيةُ، وسببُ اليمينِ الذي هَيَّجها؛ (رُجِعَ إِلَى التَّعْيِينِ)؛ لأنَّه أبلَغُ مِن دِلالةِ الاسمِ على المسمَّى؛ لأنه يَنفِي الإبهامَ بالكليَّةِ...
(فَإِنْ عُدِمَ ذَلِكَ)، أي: النيةُ، والسببُ، والتعيينُ؛ (رُجِعَ) في اليمينِ (إِلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الاسْم. انتهى.
وبه يتبين لك ما ذكرناه، وأنه إن كانت لك نية بكون هذه الصدقة المنذورة من أول راتب مكتمل، أو كان ذلك يقتضيه سبب اليمين، فلا يلزمك الصدقة إلا من راتب الشهر الثاني المكتمل.
وأما إن لم تكن لك تلك النية، لزمتك الصدقة من أول راتب تسلمته، وإن كان ناقصًا عما توقعته.
والله أعلم.