الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود، وأداء الأمانات إلى أهلها، ونهى عن أكل المال بالباطل، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقًا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
ومن المعلوم أن التزويد بهذه الخدمة، إنما يكون في مقابل أجرة معلومة، فمن طلب تزويده بها، وجب عليه الوفاء بعقده مع الجهة المزودة، سواء أكانت جهة خاصة أم حكومية، وصارت هذه الأجرة المستحقة دَينًا في ذمته، يجب عليه قضاؤه؛ لدخوله في عموم معنى الدَّين، جاء في الموسوعة الفقهية: قيل في معنى الدين أقوال متعددة، أوضحها ما قاله ابن نجيم: "الدين لزوم حق في الذمة"، فيشمل المال، والحقوق غير المالية؛ كصلاة فائتة، وزكاة، وصيام وغير ذلك، كما يشمل ما ثبت بسبب قرض، أو بيع، أو إجارة، أو إتلاف، أو جناية، أو غير ذلك. اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوز التحايل للامتناع عن دفع فاتورة الكهرباء، أو الماء، أو التليفون، أو الغاز، أو أمثالهما؟ علمًا بأن معظم هذه الأمور تتولاها شركات مساهمة يمتلكها عامة الناس؟
فأجابت: لا يجوز؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، وعدم أداء الأمانة، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}. انتهى. وانظر للفائدة الفتوى: 8936.
والله أعلم.