الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أنّه يصحّ شرعاً تزويج رجل عدل للمرأة المسلمة التي لا ولي لها، وتعذر تزويج القاضي لمثل الأسباب المذكورة.
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز تزويج العدل للمرأة التي لا ولي لها، ولو مع وجود القاضي.
قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج : لَوْ عُدِمَ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ، فَوَلَّتْ مَعَ خَاطِبِهَا أَمْرَهَا رَجُلًا مُجْتَهِدًا لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مُحَكَّمٌ، وَالْمُحَكَّمُ كَالْحَاكِمِ، وَكَذَا لَوْ وَلَّتْ مَعَهُ عَدْلًا صَحَّ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِفَقْدِ الْحَاكِمِ، بَلْ يَجُوزُ مَعَ وُجُودِهِ سَفَرًا وَحَضَرًا. انتهى.
لكن ننبه إلى أنّ توثيق عقد الزواج في المحاكم، والدوائر الرسمية -وإن كان ليس شرطاً في صحة النكاح شرعاً-؛ لكنه ضروري لحفظ الحقوق.
جاء في فتاوى دار الإفتاء المصرية: إن الزواج في الشريعة الإسلامية عقد قولي يتم بالنطق بالإيجاب والقبول في مجلس واحد بالألفاظ الدالة عليهما الصادرة ممن هو أهل للتعاقد شرعا بحضور شاهدين بالغين عاقلين مسلمين، إذا كان الزوجان مسلمين، وأن يكون الشاهدان سامعين للإيجاب والقبول، فاهمين أن الألفاظ التي قيلت من الطرفين أمامهما ألفاظ عقد زواج، وإذا جرى العقد بأركانه وشروطه المقررة في الشريعة كان صحيحا مرتبا لكل آثاره.
أما التوثيق بمعنى كتابه العقد وإثباته رسميا لدى الموظف العمومى المختص، فهو أمر أوجبه القانون صونا لهذا العقد الخطير بآثاره عن الإنكار والجحود بعد انعقاده، سواء من أحد الزوجين، أو من غيرهما. انتهى.
وعليه؛ فصحة العقد بالطريقة المذكورة لا تعني أن الإنسان لا يضع اعتبارا لما قد يترتب على إقدامه على نحو هذا العقد .
والله أعلم.