الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت عن عمتك جملة من المنكرات جمعت فيها بين الإساءة والظلم في حقك، وفي حق أمك، باتهامها لك في العرض، واتهامها لأمك بعمل السحر، فإن صح ذلك عنها، ولم يكن لها على ما ادعته بينة، فإنها على خطر عظيم، إن لم تتداركها رحمة الله، وتتوب إلى ربها، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.
وروى الترمذي عن ابن عمر -رضي الله عنهما قال: صعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنبر فنادى بصوت رفيع، فقال: يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. قال: ونظر ابن عمر يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى 93577.
فالواجب نصحها، وتذكيرها بالله عز وجل، والمبادرة إلى التوبة النصوح، وينبغي أن يسلط عليها في ذلك بعض أهل العلم والفضل ممن يرجى أن تسمع لقولهم، هذا بالإضافة إلى كثرة الدعاء لها بخير، فعسى الله أن يهديها صراطه المستقيم، ويصلح حالها فيزول الإشكال. فإن تم ذلك فالحمد لله، وإلا فيجوز هجرها بالقدر الذي يندفع به أذاها، ويرجى أن تتحقق به المصلحة، ولكن من غير قطيعة بالكلية، لا من قبلك ولا من قبل أبيك؛ لأن العمة من الرحم التي تجب صلتها، وانظري لمزيد الفائدة الفتوى: 348340.
وإن أمرت بناتها بقطيعتكم، فهذا أمر منكر؛ لكونه أمرا بقطيعة الرحم، ولا يجوز لبناتها طاعتها في ذلك؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم.