الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفقهاء ينصون على أن من أخطأ في استقبال القبلة في الحضر، وجبت عليه الإعادة مطلقا، سواء كان عمل بقول مخبر أو بدليل أو باجتهاد.
قال ابن قدامة في المغني: أَمَّا الْبَصِيرُ إذَا صَلَّى إلَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ فِي الْحَضَرِ، ثُمَّ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ، فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، سَوَاءٌ إذَا صَلَّى بِدَلِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ; لِأَنَّ الْحَضَرَ لَيْسَ بِمَحَلِّ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ مَنْ فِيهِ يَقْدِرُ عَلَى الْمَحَارِيبِ وَالْقِبَلِ الْمَنْصُوبَةِ، وَيَجِدُ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ يَقِينٍ غَالِبًا، فَلَا يَكُونُ لَهُ الِاجْتِهَادُ، كَالْقَادِرِ عَلَى النَّصِّ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ.
فَإِنْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فَأَخْطَأَ، لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ ; لِتَفْرِيطِهِ. وَإِنْ أَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ، فَأَخْطَأَهُ، فَقَدْ غَرَّهُ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ خَبَرَهُ لَيْسَ بِدَلِيلٍ. انتهى.
وعلى هذا؛ فيلزمك أن تقضي جميع تلك الصلوات التي صليتها إلى غير القبلة، ولبيان كيفية القضاء، تنظر الفتوى: 70806 وأما ما سألت عنه من الصلوات التي فاتتك: فإن كانت قبل البلوغ فلا قضاء عليك، وإن كنت تركتها بعد البلوغ ففي وجوب قضائها خلاف، بيناه في الفتوى: 128781.
والأحوط قضاؤها موافقة للجمهور، وخروجا من الخلاف.
والله أعلم.