الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لنا ولك الهداية إلى الصراط المستقيم وأن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى. والواجب عليك المبادرة إلى التوبة من العادة السرية، ويسميها الفقهاء بالاستمناء، وسبق بيان أدلة تحريمها وأضرارها في الفتوى: 7170.
والسعي في سبيل الزواج والمبادرة إليه من أفضل السبل لإعفاف النفس وقضاء الشهوة، بل هو واجب في حق من يخشى على نفسه الفتنة، كما هو موضح في الفتوى: 3011.
وقد أحسنت باجتهادك في هذا السبيل. وسبق أن بينا كيفية اختيار الزوجة في الفتوى: 8757. وقد أوضحنا فيها مشروعية الخطبة، ومن أهم مقاصدها أن يكون التوافق بين الزوجين، وقبول كل منهما للآخر، وهذا هو المعنى الذي أشار إليه الحديث: فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قوله (فإنه) أي النظر إليها (أحرى) أي أجدر وأولى والنسب (أن يؤدم بينكما) أي بأن يؤلف ويوفق بينكما. اهـ. وهو يفيد أن قبول القلب للمخطوبة مطلوب، ولكن قد لا يلزم أن يحدث ذلك لأول وهلة، وذلك ذكر أهل العلم أنه لا بأس بتكرار النظر للمخطوبة عند الحاجة لذلك، كما سبق بيانه في الفتوى: 149361.
ومن أهم ما ينبغي أن يكون محل نظر الرجل دين المرأة، فهو المقدم على غيره عند التعارض، وهذا لا يعني أن لا يراعي بقية الأوصاف التي تبتغى في الزوجة من الجمال وغيره، ولكن من غير غلو في ذلك مما يجعل الأمر عسيرا، وهو ما أشرنا إليه في الفتوى المحال عليها أخيرا. فاحذر التردد والوساوس في هذا الجانب، وإلا فستظل حياتك باحثا عن مخطوبة، ولن تجدها.
واعلم أن ما يعينك على التوفيق في الزواج أن تستخير الله عز وجل في المرأة التي تريد الزواج منها، وما يختاره الله لك فإنه فيه الخير؛ لأنك فوضت إليه أمرك سبحانه، وراجع في الاستخارة الفتوى: 19333، والفتوى: 123457.
ولو قدر بعد ذلك أن وقع الطلاق، فليس في ذلك بمجرده ظلم للمرأة؛ لأن الطلاق مباح، وخاصة إذا دعت إليه حاجة، بل قد يكون فيه خير للزوجين عند استحالة العشرة بينهما، كما قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}، وراجع الفتوى: 415477.
والله أعلم.