الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال ما ذكرت من أنك علقت الطلاق على لمسها لك بعنف، كما كان يحدث منها سابقا، فلم يحصل الحنث بلمسها لك معتذرة، فلا يقع الطلاق. وراجع الفتوى: 65043.
ومما لا شك فيه أن الغضب من الشيطان، وأنه باب لكثير من الشرور، ولذلك حذر منه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأرشد إلى بعض سبل علاجه، كما سبق وأن بينا في الفتوى: 8038.
وما كنت تسعى إليه من الابتعاد عن زوجتك عند الغضب هو عين الحكمة، وقد فعله الأخيار، ثبت في صحيح البخاري عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت فاطمة -رضي الله عنها-، فلم يجد عليًّا -رضي الله عنه- في البيت، فقال: أين ابن عمك؟ قالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني، فخرج فلم يقِل عندي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإنسان: انظر أين هو؟ فجاء، فقال: يا رسول الله؛ هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسحه عنه، ويقول: قم أبا تراب، قم أبا تراب.
وجاء في فتح الباري: قال ابن بطال: وفيه أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم، وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب، وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته، ولا يعاب عليه، قلت: ويحتمل أن يكون سبب خروج عليّ؛ خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة ـ رضي الله عنهما ـ، فحسم مادة الكلام بذلك، إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما. اهـ.
ومن الحمق والإساءة محاولة زوجتك منعك من الابتعاد عنها عند الغضب.
ونوصيك وإياها بتحري الحكمة مستقبلا، والعمل على وضع أسس للتعامل بينكما، تضمنان بها استقرار الأسرة، والحيلولة دون دخول الشيطان بينكما، والعمل على إفساد العلاقة بينكما.
وللفائدة بخصوص التراجع عن الطلاق المعلق راجع الفتوى: 98490.
والله أعلم.