الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكم أن تبروا أمّكم وتحسنوا إليها، وتحذروا من الإساءة إليها أو التقصير في حقّها، والواجب على أمّكم أن تتوب إلى الله تعالى من الإساءة إلى أمّها؛ فحقّ الأمّ عظيم وعقوقها من أكبر الكبائر، وقد بينا كيفية التوبة من عقوق الوالدين بعد موتهما في الفتوى: 18806
وعليكم التوبة من الإساءة إلى جدتكم، فإنّ لها حقّاً عظيماً، حتى ذهب جمع من أهل العلم إلى أنّ حكم الجد في البر حكم الوالد. وراجع الفتوى: 22766
ولا يمكن الجزم بسبب عدم توفيقكم في بعض الأمور وما يصيبكم من الكربات، لكن على وجه العموم فإنّ العبد إذا شعر بعدم التوفيق في بعض الأمور، فعليه أن يتهمّ نفسه ويراجع حاله مع الله و يجدد التوبة إلى الله؛ فإنّه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة؛ فإن الذنوب والمعاصي سبب الشر و البلاء.
ففي صحيح مسلم عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: … يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.
قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: الْمُؤْمِنُ إِذَا أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا بَلَاءٌ، رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ بِاللَّوْمِ، وَدَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ. اهـ.
وقال ابن القيم -رحمه الله- في الجواب الكافي: ومن عقوبات الذنوب إنها تزيل النعم وتحل النقم فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب ذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب. انتهى.
فبادروا بتجديد التوبة العامة، والاجتهاد في الأعمال الصالحة والحسنات الماحية، ومن أعظم ذلك أن تجتهدوا في برّ أمّكم، فإنّه من أفضل الأعمال وأرجاها ثوابا وتكفيرا للسيئات، ففي الأدب المفرد للبخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: إِنِّي لَا أَعْلَمُ عَمَلًا أَقْرَبَ إِلَى الله عز وجل، من بر الوالدة. انتهى.
والله أعلم.