الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم شرعا أن يأتي الرجل زوجته في دبرها، وصاحب هذا الفعل ملعون على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو فعل له مفاسد عظيمة، سبق بيان بعضها في نقل عن ابن القيم تجده في الفتوى: 22682.
وإن كان ابن عمك قد أخبرك بهذا الفعل، وأفشاه لكم، فقد أساء إساءة عظيمة، فمن ابتلي ببعض المعاصي، فيجب عليه أن يتوب إلى الله، ويستتر بستره -سبحانه- ويحرم عليه إفشاء ذلك، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه.
وإذا كان ابن عمك لم يتب من هذا الفعل، فمثله لا يقبل زوجا لأختك؛ فقد روى الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض. فلا يقبل زوجا إلا من كان تقيا؛ إن أحب المرأة أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
وينبغي أن تحاول في استمرار إقناع والديك، ولا يجوز لك أن تكذب عليهما، ولكن اكتف بالتلميح، والقول بأن ابن عمك لا يصلح لأختك بما تعلم من حاله، وأنه لو تزوجها ربما كان مصيرها معه مصير الزواج السابق، فإن اقتنعا فالحمد لله، وإلا فلا بأس بالتصريح، وليكن ذلك لأبيك، ويمكنه أن يخبر أمك إن اقتضى الأمر ذلك. ولا تنس أن تكثر من الدعاء أن ييسر الله كل خير، ويبعد كل شر.
وأما الهرب بأختك، وتزويجها من رجل آخر، فلا يجوز لك ذلك؛ فأبوك هو وليها، وهو المسؤول عنها أمام الله تعالى، والمسؤول عن أمر تزويجها، ولكن اجتهد في سبيل تزويج أختك من رجل صالح يرجى أن تدوم معه عشرتها.
وننبهك إلى خطأ ما أقدمت عليه من الجلوس مع طليقة هذا الرجل، والحديث معها، وسؤالها عن سبب طلاقها من زوجها، وكلامك معها عن أمر يتعلق بالفراش، وأسرار الحياة الزوجية، وهذا مما لا يجوز شرعا.
روى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها. ومعنى الإفضاء المباشرة والمجامعة.
قال المناوي في فيض القدير: والظاهر أن المرأة كالرجل، فيحرم عليها إفشاء سره؛ كأن تقول: هو سريع الإنزال، أو كبير الآلة، أو غير ذلك مما يتعلق بالمجامعة. اهـ.
فالواجب عليك التوبة، ولمعرفة شروطها راجع الفتوى: 5450.
والله أعلم.