الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المذكور لا يصح بهذا اللفظ، وقد نص على ضعفه جماعة من العلماء.
فقد أخرجه البزار في مسنده عن راشد الحماني عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، -رضي الله عنه-قال: أوصاني أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-: ألا أشرك بالله شيئا، وإن حرقت، وألا أترك صلاة مكتوبة متعمدا، فمن تركها متعمدا فقد كفر، ولا أشرب الخمر، فإنها مفتاح كل شر.
ثم قال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وراشد أبو محمد بصري: ليس به بأس، قد حدث عنه غير واحد. وشهر بن حوشب: قد روى عنه الناس، وتكلموا فيه، واحتملوا حديثه. اهـ
قال الإمام النووي في خلاصة الأحكام: وحديث: من ترك صلاة متعمدا فقد كفر. فهو حديث منكر. اهـ.
وقال الحافظ العراقي في المغني عن حمل الأسفار: أخرجه البزار من حديث أبي الدرداء بإسناد فيه مقال . اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: حديث "من ترك صلاة متعمدا فقد كفر" البزار من حديث أبي الدرداء بهذا اللفظ ساقه من الوجه الذي أخرجه منه ابن ماجه باللفظ السابق -لا تترك صلاة مكتوبة متعمدا، فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة وفي إسناده ضعف-. وله شاهد من حديث الربيع بن أنس عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر جهارا" سئل الدارقطني في العلل عنه فقال: رواه أبو النضر عن أبي جعفر عن الربيع موصولا، وخالفه علي بن الجعد فرواه عن أبي جعفر عن الربيع مرسلا وهو أشبه بالصواب.
وفي الباب عن أبي هريرة: رواه ابن حبان في الضعفاء في ترجمة أحمد بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه رفعه: تارك الصلاة كافر. واستنكره ورواه أبو نعيم من طريق إسماعيل بن يحيى عن مسعر عن عطية عن أبي سعيد مثل حديث أنس، وعطية ضعيف وإسماعيل أضعف منه. وأصح ما فيه حديث جابر بلفظ: بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن حبان ورواه ابن حبان والحاكم من حديث بريدة بن الحصيب نحوه -العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر-.
وروى الترمذي من طريق عبد الله بن شقيق العقيلي قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئا تركه كفر إلا الصلاة. ورواه الحاكم من هذا الوجه فقال: عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة وصححه على شرطهما. اهـ. وراجع الفتوى: 34625.
وأما ترك الصلاة المكتوبة عمدا لغير عذر: فقد اختلف العلماء في التكفير به، وجمهورهم على أنه ليس بكفر مخرج من الملة، وأن تارك الصلاة كسائر الفساق تحت مشيئة الله، وليس مخلدا في النار، وانظر تفاصيل المسألة في الفتوى: 130853.
والله أعلم.