الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد تكلم علماء التفسير على الآية التي سألت عنها، مع بيان التحسس، قال البغوي في تفسيره: قوله عز وجل: {يا بني اذهبوا فتحسسوا}، تخبروا، واطلبوا الخبر، {من يوسف وأخيه} والتحسس بالحاء والجيم لا يبعد أحدهما من الآخر، إلا أن التحسس بالحاء في الخير، وبالجيم في الشر.
والتحسس هو طلب الشيء بالحاسة، قال ابن عباس: معناه: التمسوا. اهـ
وقال الشوكاني في فتح القدير: فتحسسوا من يوسف وأخيه. التحسس بمهملات: طلب الشيء بالحواس، مأخوذ من الحس، أو من الإحساس، أي: اذهبوا فتعرفوا خبر يوسف وأخيه، وتطلبوه. اهـ.
وقال القرطبي في تفسيره: والتحسس: طلب الشيء بالحواس، فهو تفعّل من الحس، أي: اذهبوا إلى هذا الذي طلب منكم أخاكم، واحتال عليكم في أخذه، فاسألوا عنه، وعن مذهبه. اهـ.
وفي كتاب تصحيح الفصيح وشرحه: وأما قوله: هل أحسست صاحبك، وحسهم؛ قتلهم، فإن أصل هذين من الحس، الذي تحس به الأشياء، مثل السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس. وكل ما شعرت به فقد أحسسته، ومعناه: أدركته بحسك، أو أدركه حسك. وصار بالألف؛ لأنه بمعنى الإدراك، فقيل: أحسسته إحساسًا، مثل أدركته إدراكًا، ومنه قول الله عز وجل: (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأسَنَا)، ومنه قوله تعالى: (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ)، ومنه قول يعقوب: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وأَخِيهِ)، أي: تعرفوا بإحساسكم. وفاعل أحسست محس. ومفعوله: محس. والحواس: جمع الحاسة، وهي الحس، اسم على معنى النسب لا على الفعل؛ لأنه لا يقال منه: حسست. اهـ.
ومن هذا يتبين أن التحسس ليس خاصًّا بفاقد البصر؛ لأنه وإن فقد بصره، فهو كغيره في بقية الحواس من السمع، والشم، والذوق، واللمس، وهي وسائل الشعور والإدراك التي يمكن أن يتوصل بها إلى مطلوبه.
والله أعلم.