الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه الخيالات هي المعروفة بأحلام اليقظة، وليست محرمة، ما لم يترتب عليها محظور شرعي.
فإن أدّت إلى محظور، كالاستمناء باليد، أو نحو ذلك، لم تجز، وهذا الحكم عام في رمضان، وغيره.
لكن العاقل يربأ بنفسه عنها، ويعمر وقته بما ينفعه في دينه ودنياه.
وحراسة الخواطر من أهم وظائف المقربين، كما أوضحنا ذلك في الفتوى: 150491.
وأما تلك الأحلام والأماني، فهي مما لا ينفع العبد في دينه ودنياه، وعلى العاقل أن يعرض عنها، ويشغل نفسه بما ينفعه.
وحاولي أن توجدي لنفسك صحبة صالحة، تعينك على طاعة الله تعالى، وتشغلي نفسك بالذكر، وتلاوة القرآن؛ ففي ذلك خير عوضًا عن تلك الأفكار.
وللإمام ابن القيم كلام نفيس حول أهمية مدافعة الخطرات، قال -رحمه الله-: وأما الخطرات، فشأنها أصعب، فإنّها مبدأ الخير والشرّ، ومنها تتولّد الإرادات، والهمم، والعزائم.
فمن راعى خطراتِه، ملَكَ زمامَ نفسه، وقهر هواه. ومن غلبته خطراتُه، فهواه ونفسه له أغلَب، ومن استهان بالخطرات، قادته قسرًا إلى الهلكات.
ولا تزال الخطرات تتردّد على القلب؛ حتى تصير مُنىً باطلة {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)} [النور:39].
وأخسُّ الناس همّة وأوضعهم نفسًا من رضي من الحقائق بالأماني الكاذبة، واستجلبها لنفسه، وتحلّى بها، وهي -لعمر الله- رؤوس أموال المفلسين، ومتاجر البطّالين.
وهي قوت النفس الفارغة التي قد قنعت من الوصل بزَورة الخيال، ومن الحقائق بكواذب الآمال، كما قال الشاعر:
مُنىً إنْ تكن حقًّا تكن أحسن المُنَى ... وإلا فقد عِشْنا بها زمنًا رَغْدَا
وهي أضرُّ شيء على الإنسان، وتتولّد من العجز، والكسل، وتولّد التفريط، والحسرة، والندم. انتهى.
والله أعلم.