الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آل، وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من الهجر المحرم قطع الصلة بمَن يخشى مِن صلته ضرر حقيقي في الدِّين، أو في الدنيا، قال ابن عبد البر: وأما قوله: (ولا يحل لمسلم أن يهجر، أو يهاجر أخاه) فهو عندي مخصوص أيضًا بحديث كعب بن مالك؛ إذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يهجروه، ويقطعوا الكلام عنه، والسلام عليه؛ لما أحدثه في تخلفه عن غزوة تبوك وهو قادر على الغزو.
وقد جعل بعض أهل العلم حديث كعب هذا أصلًا في هجران أهل البدع، ومن أحدث في الدين ما لم يرضَ.
والذي عندي أن من خشي من مجالسته ومكالمته الضرر في الدِّين، أو في الدنيا، والزيادة في العداوة والبغضاء؛ فهجرانه والبُعْد عنه خير من قربه؛ لأنه يحفظ عليك زلاتك، ويماريك في صوابك، ولا تسلم من سوء عاقبة خلطته.
ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية. اهـ. من الاستذكار.
فلا حرج عليك، ولا إثم في متاركة، ومقاطعة من لا تتقي شرّه وضرره، إلا بالهجر والصرم. وراجع للفائدة الفتوى: 152947.
والله أعلم.