الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تفعلين هذه الأمور حال قضاء الحاجة، أو كشف العورة؛ فهذا مما لا يجوز عند كثير من العلماء؛ لأن كشف العورة في الخلوة مختلف فيه، وقد ذهب إلى تحريمه جمع، إن كان لغير حاجة، قال البهوتي في الروض: (وَ) يحرمُ (لُبْثُه فَوقَ حَاجَتِهِ)؛ لما فيه مِن كشفِ العورةِ بلا حاجةٍ، وهو مُضرٌّ عندَ الأطباءِ. انتهى.
وأما إن كنت تفعلين هذا الأفعال وأنت لابسة ثوبك، فهذا مما لا ينبغي؛ فإن الحشوش محتضرة، وهي مأوى الشياطين، وقد روى أبو داود، وغيره حديث: إن هذه الحشوش محتضرة. قال صاحب عون المعبود: (مُحْتَضَرَةٌ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، أَيْ: تَحْضُرُهَا الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ، وتنتابها لقصد الأذى. انتهى.
فالعاقل يتنزه عن المقام فيها والمكث لغير ما تدعو إليه الحاجة.
وما تفعلينه ليس مما تدعو إليه الحاجة، بل هو مما ينبغي على العاقل تركه، ولو في غير هذا الموضع؛ فإنه من أحلام اليقظة التي لا فائدة من ورائها، والعاقل إنما يشغل نفسه بالفكرة فيما ينفعه في أمر دِينه ودنياه، ويحرس خواطره، فلا يجعلها نهبًا لهذه العوارض التي تلتهم وقته في غير طائل، وانظري الفتوى: 150491.
والله أعلم.